Monday, December 27, 2010

دليل وادي النيل....... لعامي 1891 و1892

هذا دليل عام لمصر ومدنها الرئيسية كما بدت منذ مائة وعشرة من الأعوام، وقد الفه"إبراهيم عبد المسيح" على غرار الأدلة السنوية التي كانت تصدر في اوروبا لتضم اسماء وعناوين المتاجر والمصانع وأرباب العلوم والفنون 
والكتاب يضم معلومات وفيرة لوصف المدن الرئيسية في مصر ،وأسماء أهل الحكم ووظائفهم ، والنظارات (الوزارات ) المختلفة وموظفيها والقنصليات والفنادق والمتاجر والصحف وغيرها من المعلومات التي يمكن أن تساعدنا على تصور مصر قبل أكثر من مائة عام

انقر على صورة الغلاف لتحميل نسخة كاملة من الكتاب    



Saturday, December 25, 2010

تسريب المعلومات‏..‏ إعاقة الدولة القومية

خلال أعوام ثلاثة من وجوده علي الإنترنت غير موقع تسريب المعلومات ويكيليكيس إلي غير رجعة مفاهيم كانت قد استقرت في وعي الإنسانية علي مدي عقود وربما قرون ماضية‏.‏

فمفاهيم مثل سرية المعلومات وسيطرة الدولة عليها لضمان أمنها وأمن مواطنيها اصبحت محل تساؤل‏,‏ كما أن ما استقر عليه الأمر من تفويض للقنوات الدبلوماسية والأجهزة الاستخباراتية المعاونة لها للحصول علي المعلومات وإبقائها بعيدا عن متناول الأخرين من المواطنين والأعداء علي حد سواء أصبح محل جدل، خاصة فيما يتعلق بجدواه ومنفعته للمواطن العادي‏.‏

والواقع أن تاريخ الدبلوماسية الحديثة وما تلاها من ظهور أجهزة الاستخبارات والمعلومات جاء كأحد النتائج البارزة لاستقرار الدولة القومية باعتبارها اللاعب الأساسي في السياسة الدولية‏.‏ وقد نمت داخل هذه الدولة القومية تقاليد الدبلوماسية الحديثة وفي ظل الثورة الصناعية والتطور الرأسمالي اللذين أديا إلي الحقبة الاستعمارية‏,‏ وهي الحقبة التي تنافست فيها الدول القومية الأوروبية بين بعضها البعض علي مناطق النفوذ والتمدد في أنحاء العالم المختلفة‏.‏

في هذه الحقبة ترسخت تقاليد الدبلوماسية الغربية التي تمحور دورها في المساعدة في تأمين الأسواق لمنتجات مصانع مواطني الدولة التي تمثلها‏,‏ والذي يعود بعوائد ضخمة علي أصحاب الأموال والرعاة الرأسماليين للنخب الحاكمة فيها‏.‏ ويؤكد ذلك ما يعرفه دارسو تاريخ الدبلوماسية الأمريكية الذي يتفق الجميع علي أنها بدأت عملها الدبلوماسي الدولي في أعقاب الحرب الأهلية الأمريكية في سبعينيات القرن التاسع عشر بالسعي لوضع المنتجات والسلع الأمريكية علي خريطة الأسواق العالمية‏.‏

في هذا السياق نشأت الأفكار الأولي عن سرية المعلومات ونشأت الموجة الأولي من أجهزة الاستخبارات حيث جري تمرير فكرة أهمية المعلومات وسريتها كأحد الأسلحة المهمة في المنافسات الرأسمالية الشرسة‏,‏ وتدريجيا أصبح الحفاظ عليها أحد مؤشرات الكفاءة الوطنية للدولة ومحك الصدق الوطني للأفراد‏.‏

ومنذ بداية الحرب العالمية الثانية أصبحت لقضية المعلومات وسريتها والسيطرة عليها أولوية‏,‏ وضاعف من ذلك السباق المحموم لانتاج الشفرات المعقدة لإرسال الرسائل المشفرة دون أن تصل إلي يد الاعداء‏.‏ وتعاظم الشعور الوطني العام بأهمية وعي المواطن العادي بأن قاعدة سرية المعلومات هي في الأخير إحدي الضمانات الرئيسية لأمنه ووطنه من الأعداء‏.‏ ومن ثم تنازل المواطنون عن حق الحصول علي المعلومات‏,‏ الذي يكفله لهم أنهم مصدر السلطات‏,‏ للدولة التي تكفل لهم عبر سرية المعلومات الدفاع عن مصالحهم الاقتصادية وأمنهم الوطني‏.‏

وأثناء الحرب الباردة أصبحت القدرات الاستخبارية للأجهزة الأمنية والسفارات ليست فقط ضرورة دفاعية وإنما مدعاة للتفاخر والدعائية‏,‏ فقدرة الأجهزة علي السطو علي معلومات العدو وحراسة معلومات الوطن كانت مصدرا للكثير من الأساطير الأدبية و الفنية وخاصة السينمائية منها‏,‏ ومن منا لا يذكر العميل‏007,‏ جيمس بوند الذي تم تصويره علي إنه سوبرمان المخابرات الانجليزية علي مدي سنوات طوال‏.‏

غير أن كل هذا التاريخ قد تغير منذ بداية تسعينيات القرن العشرين‏,‏ فمن ناحية أصبحت المنافسة علي الأسواق العالمية تدور بين الشركات العملاقة العابرة للقوميات‏,‏ وهي وإن كانت ترتبط بحكومات الدول الكبري إلا إننا لا يمكننا اعتبارها مماثلة للشركات القومية التي صاحبت الفترة الاستعمارية‏,‏ ومن ثم أصبح عنصر مصلحة المواطن العادي المحجوب عنه المعلومات أصبح غير ذي مضمون‏.‏
ومن ناحية أخري تصاعدت ظاهرة القضايا ذات الطابع الدولي والكوني وتصاعدت معها أدوار المنظمات الدولية علي حساب السيادة القومية مما أحدث تغييرا في الوعي القومي والوطني الذي أصبح يدور الآن في إطار كوكبي‏,‏ 

وقد ساعد علي ذلك ثورة الاتصالات والمعلومات‏,‏ فعلي سبيل المثال فإن برنامج‏'‏ جوجل إيرث‏'‏ وهو برنامج للكرة الأرضية بتفاصيلها علي شبكة الإنترنت أحدث تغييرا جذريا في وعي الأجيال الجديدة حيث يمكنهم أن يروا الكرة الأرضية وقد ازيل من عليها كل الحدود 
السياسية التي تعبر عن الدولة القومية‏,‏ وعلي الرغم من ذلك يستطيع الفرد أن يحدد مسكنه ويضع عليه علامته الخاصة‏.‏

وظني أنه في ظل هذه المتغيرات الكاسحة لا يبدو غريبا أن تظهر ويكيليكس إلي الوجود لتعلن أن ما ساد علي الساحة من تقاليد سياسية ودبلوماسية علي مدي الأعوام السابقة في ظل المطبعة والدولة القومية لايمكن له أن يستمر في ظل الدولة المعولمة والشاشة‏,‏ وأن ما كان مقصودا منه أمن الوطن ورفاهية المواطن أصبح الأن أداة للكذب علي المواطن لضمان تأمين المصالح للشركات العملاقة‏.‏ ولم يكن غريبا أن يضعوا في صدر الفيديو الذي يصور قتل المواطنين العراقيين والصحفيين عبارة من رواية جورج أوريل الشهيرة‏1984‏ وتقول العبارة‏:‏
‏'‏ اللغة السياسية تم تصميمها لتجعل من الأكاذيب ما يبدو صدقا‏,‏ ومن القتل ما يبدو محترما‏,‏ ولتعطي للرياح مظهرا وصلابة‏'‏
وهكذا جري إسقاط القداسة التي أحاطت بالعمل الدبلوماسي ولغته‏,‏ وجرت الإطاحة بسرية المعلومات وأهميتها للوطن وجدواها للأفراد لتتلقي الدولة القومية ضربة جديدة من ضربات العولمة‏.‏
السبت 19 من محرم 1432 هـــــ   25 ديسمبر 2010 السنة 20 العدد 7181




Sunday, December 19, 2010

ويكيليكس....... تاريخ موقع

كلمة ويكي في لغة سكان جزر هاواي تعني السرعة‏,‏ وأول من استخدمها في عالم الكومبيوتر هو المبرمج‏'‏ وورد كننجهام‏'‏ الذي توقف يوما في مطار هونولولو حيث لفت نظره اسم الحافلة التي تتنقل بين مدارج المطار المختلفة‏'‏ الويكي باص‏'.‏ ألهمت الحافلة واسمها كننجهام ليخترع في عام‏1994‏ تقنية في البرمجيات تساعد علي التحرير الجماعي لموقع ما علي الإنترنت وأطلق عليها الويكي‏.‏

أصبحت الويكي من أشهر التقنيات البرمجية المجانية علي الإنترنت وتم استخدامها بنجاح في عدة مواقع بل إنها تكاد تكون التقنية الأم لكل المواقع الإعلامية التفاعلية علي الإنترنت‏.‏ فأهم خصائص تقنية الويكي هي أنها تتيح التحرير الجماعي بالإضاقة والحذف والتعديل والتنسيق لأي حجم من المعلومات من أي مكان‏.‏

ألهمت الويكي جيمي ويلز لتأسيس أشهر دائرة معارف علي الإنترنت‏'‏ ويكيبيديا‏',‏ وقد ادي نجاح الفكرة إلي نشأة مواقع اخري للويكي هدفها توفير مختلف أشكال المعرفة وأدواتها علي الانترنت بالمجان‏,‏ فكان منها‏'‏ ويكي قاموس‏'‏ و‏'‏ ويكي مصدر‏'‏ و‏'‏ويكي جامعة‏'‏ وويكي خرائط وغيرها‏.‏ وقد انتظمت مجموعة كبيرة من هذه‏'‏ الويكيات‏'‏ تحت مظلة واحدة لمنظمة عالمية غير هادفة للربح هي منظمة‏'‏ ويكي ميديا‏'‏ وهدفها تقديم محتوي معلوماتي حر بكافة لغات العالم‏.‏ لكن ظلت هناك مواقع أخري تحمل نفس الاسم العام "ويكي" لكنها تعمل مستقلة مثل ويكي خرائط‏,‏ وموقع‏'‏ ويكيليكس‏'‏ والتي تعني‏'‏ ويكي تسريب‏'.‏

بدأت ويكيليكس عملها علي الإنترنت في عام‏2006‏ ومن البداية اعلن مقدموها أنهم يعملون من خلال شركة صحافة‏'‏ صن شاين برس‏',‏ غير أنهم لم يعلنوا أسماء المؤسسين أو المستشارين إلا لماما‏.‏ فبينما يعلن الموقع في يناير من عام‏2007‏ أن هيئة مستشاريه تبلغ‏22‏ عضوا‏,‏ فإنه يعلن في يونيو من عام‏2009‏ أسماء بعضهم وكان منهم صانع أفلام استرالي هو‏'‏ فيليب آدم‏',‏ ومبرمج شهير لبرامج المصادر المفتوحة هو الأمريكي‏'‏ بين لوري‏',‏ و‏'‏وانج دان‏'‏ الناشط السياسي الصيني المعارض ورئيس الحركة الديمقراطية الصينية‏,‏ والصيني‏'‏ زياو كوينج‏'‏ وهومبرمج أيضا و البرازيلي‏'‏ فرنسيسكوا فريررا‏'‏ الناشط الكاثوليكي المتأثر بحركة لاهوت التحرير ثم يأتي أخيرا‏'‏ جوليان أسانج‏'‏ الذي يظهر اسمه كصحفي ومن مجموعة المستشارين‏.‏

وقد قدمت لك هذه القائمة لتتبين عالمية الحركة‏,‏ وحتي أساعدك علي التفكر في الصورة الشائهة التي تم ترسيخها إعلاميا والتي أظهرت‏'‏ أسانج‏'‏ باعتباره المسئول الأول وربما الوحيد عن الموقع‏.‏ بل أن أسانج نفسه يفسر ذلك بأن الأمر الواقع فرض عليه الظهور كمسئول 
عن الموقع‏,‏ فقد كان يفضل أن تظل الشخصية التي تقف وراء الموقع مجهولة لكنه خشي أن يؤدي إلي إثارة اللغط‏.‏

ومن البداية يظهر علي الموقع ما ينم علي أنه يحارب السرية ويعتبرها الكامنة وراء الفساد والاستبداد علي مستوي العالم‏,‏ ليس فقط فساد الحكومات المستبدة‏,‏ وإنما فساد الحكومات في بلدان العالم الأول التي تعمل متواطئة مع الرأسمالية العالمية والشركات عابرة القوميات‏.‏
وعلي مدي السنوات الثلاث الماضية عمل الموقع كــــ‏'‏ويكي‏'‏ حقيقي‏,‏ أي أنه عمل بطريقة التحرير الجماعي فقد عمد إلي تحفيز الناشطين علي مستوي العالم ودفعهم إلي تحميل ما يصل إليهم من وثائق سرية من أي مكان ويخص اي حكومات‏,‏ وكان شعار الموقع لمدة طويلة هو أن‏'‏ الخبر هو ما يرغب البعض في حجبه عنك فلا تعرفه‏,‏ وما غير ذلك هو إعلان‏'.‏

غير أن هذا الوضع تغير في النصف الثاني من العام الحالي‏,‏ ففي شهر أبريل من العام الحالي قدم الموقع شريط الفيديو الذي يظهر كيف تم إطلاق النار بشكل مباشر علي المدنيين العراقيين والصحفيين من قبل القوات الأمريكية‏,‏ ثم أعقب ذلك نشر وثائق البنتاجون للحرب العراقية‏,‏ ثم وثائق الحرب علي طالبان‏,‏ ثم أخيرا وثائق الخارجية الأمريكية‏.‏

ومنذ أن بدأ الموقع في نشر هذه التسريبات الكبيرة توقف عن استقبال وتحميل وثائق مستخدمي الموقع‏,‏ ومن ثم لم يصبح‏'‏ ويكي‏'‏ وإنما أصبح موقعا إخباريا تقليديا وهو الموقف الذي ربما يدفع أخرين من ثقافة الويكي إلي الابتعاد عن ويكيليكس وتأسيس مواقع جديدة لاستعادة الفكرة‏.‏ ومن ناحية اخري فإن سيطرة حفنة من كبريات الصحف والمواقع الاخبارية العالمية علي الوثائق وتسخيرها لأمكاناتها الضخمة في عرض الوثائق بوسائط مختلفة ومبتكرة أفقد الموقع الأصلي اهميته وهو ما يعني نهاية الموقع لكنه يعني في الوقت ذاته انتشار فكرة التسريب‏.‏

وعندي أن ويكيليكس الموقع والأزمة ستشكل نقطة بداية فارقة في تاريخ العالم‏,‏ فهي من ناحية أحدثت انقلابا في عالم الأخبار وتداولها‏,‏ وهي من ناحية أخري أطلقت الفكر السياسي والقانوني للبحث من جديد في العديد من المسلمات التي عاشت بيننا طويلا لعل أهمها 
المرجعية الأخلاقية والقانونية لسرية المعلومات‏.‏

السبت 12 من محرم 1432 هـــــ   18 ديسمبر 2010 السنة 20 العدد 7174

Saturday, December 11, 2010

ويكيليــكس .......أصل الحكاية


سوف تظل قضية ويكيليكس مفتوحة لمدة طويلة بغض النظر عما سيلحق بالمتحدث باسم موقعها‏,‏ جوليان أسانج‏,‏ الذي قبض عليه بتهمة شخصية لا علاقة لها بقضية النشر العلني لوثائق الخارجية الأمريكية التي زلزلت العالم‏.‏وربما يكون لاستمرار تداعيات القضية في المدي المنظور علاقة بما انتشر من معلومات كثيرة مست قضايا ودولا وشخصيات عديدة حول العالم وفضحت بعضا مما ظنه البعض أنه في أمان من تطفل الجماهير والاعلام المستقل‏.‏
لكن القضية ستستمر إلي مدي بعيد لكونها تمثل محطة كبيرة من محطات صراع أعمق وأشمل بدأ منذ ستينات القرن الماضي حول السيطرة علي فائض القيمة الناتج عن تكنولوجيا المعلومات‏,‏ وتحديدا الصراع حول فوائض انتاج المعلومات وتدفقها‏,‏ فوائض القوة والثروة معا‏.‏
وحتي نفهم المشكلة بوضوح يتعين علينا أن نحدد نقطة بداية تاريخية نبني عليها ما تلاها من تطور في الأحداث‏.‏ ونقطة البداية التي أفضلها هي عام‏1945,‏ ففي يوليو من هذا العام كتب العالم الأمريكي‏'‏ فانفر بوش‏'‏ مقالا في مجلة الأتلانتك بعنوان‏'‏ مثلما نفكر‏',‏ حمل فيه علي الطريقة التقليدية لإنتاج المعلومات في الأبحاث العلمية‏,‏ وانتقد أيضا طريقة تداول المعلومات عبر تكنولوجيا الطباعة ثم أعطي تصورا خياليا عن الطريقة المثلي لإنتاج المعلومات وتدفقها وهو تصور قدر له أن يتحقق فيما تلي ذلك من السنوات فيما عرف بالحاسب الشخصي والميديا الرقمية والإنترنت‏.‏
وقد حدث أول التحولات الكبري عندما تحولت الحاسبات الأولي من مجال حساب الأرقام إلي مجال معالجة البيانات وهو التحول الذي خطا خطوة عملاقة باختراع الترانزستور‏,‏ وهوالتحول الذي أفرز لنا أول جيل من مبرمجي برامج الكمبيوتر‏,‏ هؤلاء الذين سيصبحون فيما بعد القوة الحقيقية في مجال تكنولوجيا المعلومات‏.‏
ومنذ البداية حاولت الحكومة الأمريكية والحكومات الأوروبية التي دخلت في هذا المجال السيطرة علي التكنولوجيا الجديدة وسعت في ذلك إلي دفع الرأسمالية العالمية للاستثمار في هذه التكنولوجيا وعملت علي ضمان عدم تسرب فائض قيمتها للآخرين‏.‏ فقد سعت الحكومات إلي السيطرة علي فائض القوة بينما سعي الرأسماليون إلي السيطرة علي فائض الثروة‏.‏
لم تأت مقاومة هذه النزعة الاحتكارية من الشارع السياسي أو من المستهلكين الجدد‏,‏ لكنها أتت من شريحة مهمة من مبرمجي البرامج‏,‏ تلك الشريحة التي جمعت بين القدرات العقلية النادرة في عالم البرمجيات والرياضيات وبين النزعة الهائلة نحو الحرية والتحرر الفكري والسياسي‏.‏ ومن ثم كان هؤلاء المبرمجون هم أول أثار قضية حرية انتاج المعلومات وتدفقها‏,‏ هؤلاء هم‏'‏ الهاكرز‏'‏ وهو الاسم الذي اختاروه لأنفسهم منذ الخمسينات من القرن العشرين‏,‏ ويشير الاسم إلي سعيهم إلي‏'‏ تمزيق‏'‏ كل أنواع القيود التي تحول بينهم وبين المعرفة‏.‏ ويذكر‏'‏ ستيفن ليفي‏'‏ في كتابه الشهير‏'‏ الهاكرز‏,‏ أبطال ثورة الكمبيوتر‏'‏ والذي نشره عام‏1984‏ أن أهم قيم الهاكرز الأخلاقية هي أن المعلومات يجب أن تكون حرة‏.‏
‏'‏ فالوصول إلي أجهزة الكمبيوتر وأي شيء قد يعلمك شيئا عن الطريقة التي يعمل بها العالم ينبغي أن يكون كاملا وغير محدود‏'‏
نمت ظاهرة الهاكرز وتطور أداؤها بأن اتخذت في عدائها الاستراتيجي لاحتكار المعلومات طريقين‏,‏ الطريق الأول يمكن تعريفه بـ‏'‏المصادر المفتوحة‏'‏ وفيه يتعاون المبرمجون علي مستوي العالم في الانتاج والتطوير الجماعي لأكبر قدر ممكن من البرامج المجانية المماثلة لما تنتجه الشركات العملاقة‏,‏ ولعل أشهر الأمثلة هو انتاج نظام لينوكس المنافس لنظام ويندوز الذي تنتجه شركة مايكروسوفت‏.‏ أما الطريق الثاني فتمثل في اقتحام الشبكات والحاسبات لتحرير المعلومات من سجنها ونشرها للجميع‏.‏
ومع دخول الانترنت في أوائل التسعينات تعقدت الساحة أكثر إذ انضم للمبرمجين الكثيرون من دعاة الحريات ومناهضي العولمة ومناهضي الشركات العملاقة والاحتكارات‏,‏ ومنهم صحفيون وصناع أفلام وكتاب وأدباء‏.‏ وبالنتيجة اتسع مسعي الاقتحام ليشمل ليس فقط المعلومات التقنية لعالم البرمجيات وإنما كافة المعلومات المحجوبة علمية كانت أم سياسية فهي تشكل في النهاية مصدر القوة الأساسي للحكومات والشركات الذي ينبغي طرحه للرأي العام‏.‏ واتسعت طريقة‏'‏ المصادر المفتوحة‏'‏ لتشمل المعلومات في كافة الاتجاهات وفي كافة العلوم‏.‏
وفي عام‏1993‏ بدأ التفكير في تأسيس أول إنسكلوبيديا علي الانترنت‏'‏ الإنتربيديا‏'‏ لتصبح اكبر مصدر مفتوح للمعلومات بكافة لغات البشر‏,‏ وقد صممت ليشترك جميع المستخدمين في كتابتها‏,‏ كما يشتركون في الإفادة منها‏.‏ لقد أصبح الهدف الآن الاستخدام الأقصي لشبكة الانترنت لتجاوز احتكار المعرفة من اي طرف‏.‏ وفي ذات الطريق أطلق استاذ الفلسفة الأمريكي لاري سنجر مشروع‏'‏ نيوبيديا‏'‏ الذي تحول في عام‏2001‏ بالاشتراك مع جيمي ويلز إلي اول‏'‏ ويكي‏',‏ وأطلق عليها موسوعة‏'‏ الويكيبيديا‏'.‏ وعلي مدي السنوات التالية ظهرت في الفضاء الانترنتي عدة‏'‏ ويكيات‏'‏ أخري كان آخرها‏'‏ ويكيليكس‏'‏ التي أحدثت الهزة الأخيرة‏,‏ والتي سأحدثك عنها في المقال القادم‏.‏
السبت 5 من محرم 1432 هـــــ   11 ديسمبر 2010 السنة 20 العدد 7167

Tuesday, December 7, 2010

ذكر تملك جمهور الفرنساوية الأقطار المصرية والبلاد الشامية

مؤلف هذا الكتاب هو المعلم " نقولا بن يوسف بن ناصيف آغا الترك" الشاعر اللبناني المولود بدير القمر عام 1763 م ، وأسرته يونانية الأصل من القسطنطينية ومن ثم جاء لقبه "الترك" وفي بعض المصادر كان يسمى "نقولا الاسطمبولي"
كان المعلم نقولا من المقربين للأمير بشير الشهابي وهوالذي أرسله في عام 1799 إلى مصر للتقرب من الزعماء والأعيان المصريين عشية الحملة الفرنسية على مصر ، وموافاته بالتقارير عن الأحوال بين المصرين والفرنسين ، فهو باختصار كان جاسوس الأمير الشهابي على مصر والحملة، وربما كان الأمير بحاجة إلى المعلومات ليحدد موقفه من دعوة نابليون بونابرت له بالإنضمام لجهود الحملة في السيطرة على الشام. وقد بقى الترك في مصر حتى عام 1804 ثم عاد إلى دير القمر حيث مات عام 1826 ودفن في ساحة كنيسة النبي إلياس للروم الكاثوليك.
وتكمن أهمية هذا الكتاب في كونه الشهادة العربية الثانية بعد شهادة المؤرخ الشهير عبد الرحمن الجبرتي  لشاهد عيان على أحداث الحملة، وهي تختلف عن شهادة الجبرتي من عدة وجوه ، منها اختلاف الهدف من الكتابة ، فكتابة الترك تشكل مضمون ما أرسله من تقارير إلى الأمير بشير الشهابي في حين كانت شهادة الجبرتي خالصة لتأريخ الأحداث.
والكتاب الذي أقدمه لكم مطبوع في باريس عام 1839 وقام بتحقيقه وترجمته إلى الفرنسية "ديجرانج إينيه Desgranges Aine " ، والكتاب يتكون من حوالي 527 صفحة نصفها للمخطوطة الأصلية العربية والنصف الأخر للترجمة الفرنسية من تحقيق عن المؤلف والكتاب.

أنقر على صورة الغلاف أدناه للتحميل

Saturday, December 4, 2010

العلاقة الملتبسة بين الدين والدولة الحديثة‏

تاريخيا قامت الدولة الحديثة علي أنقاض الدولة الدينية منذ منتصف القرن السابع عشر‏,‏ فقبل ذلك التاريخ كانت هناك ثلاث دوائر لأمبراطوريات دينية أو شبه دينية تحكم العالم‏,‏ ففي الغرب كانت الإمبراطورية الرومانية المقدسة وفي أقصي الشرق كانت الإمبراطورية الصينية وفي المنتصف كانت الخلافة الإسلامية وتوابعها‏.‏

وفي عام‏1648‏ أبرمت معاهدة وستفاليا الشهيرة التي أقرت لأول مرة في تاريخ الإنسانية مبدأ سيادة الدول‏,‏ ومن ثم أعتبرت أول معاهدة في العالم الحديث فبعدها انهارت الإمبراطورية الرومانية المقدسة وبدأت عملية ولادة الدولة القومية الحديثة التي مازلنا نعيش فيها حتي الآن‏.‏

لم يأت هذا التحول التاريخي لفلسفة الحكم كنتيجة لحماقة الحكام السابقين أو رؤي وأحلام فرسان الدولة الحديثة وإنما جاء في سياق تحول أشمل خاضته التجربة الإنسانية منذ اوائل القرن السادس عشر‏.‏ فمنذ ذلك التاريخ حدث تغير حاسم في وعي الإنسان آنذاك كنتيجة للثورة المعرفية التي أنتجتها المطبعة والتي ساعدت علي نشر الأفكار والعلوم الجديدة‏,‏ وكنتيجة لثورة العلم الحديث التي بدأت بثورة في علم الفلك‏,‏ وكنتيجة لثورة الفكر الفلسفي الحديث بدءا من ديكارت‏,‏ وكنتيجة لثورة الإصلاح الديني‏,‏ وكنتيجة لظهور الرأسمالية والثورة الصناعية‏.‏

في خضم هذا التحول الكبير تغيرت الخريطة الاجتماعية للمجتمعات الأوروبية وتغير موقع الطبقات الاجتماعية وطبيعة علاقتها ببعضها البعض‏,‏ وهو ما أدي في النهاية إلي صياغة عقد اجتماعي حديث قام علي إعادة توزيع السلطة علي المجتمع لتصبح الأمة مصدرا لهذه السلطات بدلا من الدين والكنيسة والملك الإله‏.‏
في هذا الإطار قامت الدولة الحديثة ليس بوصفها الدولة المثالية ولكن باعتبارها النظام الممكن الذي يعبر عما حدث في المجتمع من تغيرات وما حدث في الوعي الإنساني من تطور كنتيجة لثورة المعرفة الطباعية‏.‏

والدولة الحديثة التي نراها الآن ليست هي التي كانت في القرن التاسع عشر ولا حتي القرن العشرين‏,‏ لأنها ببساطة تتطور باستمرار كونها انعكاسا لتطور المجتمع‏,‏ فنظم الحكم الحديثة في حالة صيرورة دائمة تستجيب للمتغيرات الحادثة في المجتمعات وفي الاستجابة ينتج عنها آليات ومؤسسات تؤهل المجتمع لتجاوز الأزمات وفي التعنت ينتج عنها شرور ليس أقلها الحروب المدمرة‏.‏

ومثل هذه المرونة التي تبديها الدولة الحديثة مردها الاحتكام للعقل ولا شيء غير العقل‏,‏ فالدولة لا تحكمها المطلقات السمائية وإنما يحكمها المصالح الدنيوية‏.‏ فهي إذن ليست خيرا ولا شرا وإنما هي الإطار الممكن لإدارة أحوال البشر الدنيوية‏.‏

والقارئ الكريم سيلاحظ أننا نحن المصريين والعرب لم نشارك في نشأة الدولة الحديثة‏,‏ كما لم نشارك في ثورة العلم الحديث‏,‏ لكنها وفدت علينا في أوائل القرن التاسع عشر‏,‏ وأصبحت واقعا في مجتمعاتنا علي مدي القرن العشرين‏.‏ ولئن كانت عدم المشاركة ليست مذمة فإن الانقلاب عليها بعد أن خضنا فيها لأكثر من مائة وخمسين من الأعوام هو الجنون‏,‏ خاصة لو كان هذا الانقلاب لا يقوم علي خبرة تاريخية مماثلة أو تغير حاسم في النموذج المعرفي والعلمي أو في تحول جذري في مجال الانتاج وما يصاحبه من تغيرات جذرية في العلاقات الاجتماعية‏.‏

فالملاحظ أن أزمتنا مع الدولة الحديثة هي في رفضنا لفكرة المرجعية المطلقة للعقل فيما تقوم عليه الدولة من أنظمة قانونية‏,‏ فالمزاج العام لدينا يؤمن بالمرجعية الشاملة للنص الديني كما قرأه وفسره الأقدمون‏,‏ يعتقدون في أن ذلك هو التعبير الأمثل عن الخصوصية الثقافية لمجتمعنا في مقابل العقلانية الغربية‏.‏ وهو الأمر الذي يزيد من اغترابنا عن الجماعة الإنسانية ناهيك عن استبعادنا لأنفسنا من الساحة العلمية بكاملها وانغماسنا في حالة دائمة من الدفاع عن النفس‏.‏

ولئن كان الدين في علاقة ملتبسة مع الدولة الحديثة فقد قمنا نحن بنسج هذا الالتباس في العلاقة كوننا لا نستطيع انتاج دولة منظمة تتعاطي مع العالم الحديث في الوقت الذي نرفض فيه إبداع شكل جديد من العلاقة بين الدين والدولة الحديثة بل والمجتمع الحديث‏.‏ هذا في الوقت الذي نمتلك فيه من التراث الديني العقلاني والخبرات التاريخية العميقة والزخم الحضاري الكثيف ما يؤهلنا أن ننتج نصا ثقافيا قادرا علي حملنا إلي العصر وليكون المرجعية الرحبة التي نتجاوز بها مأزقنا الحالي‏.‏
السبت 28 من ذى الحجة 1431 هــ   4 ديسمبر 2010 السنة 20 العدد 7160

Wednesday, December 1, 2010

من نوادر الكتب...مصباح الساري ونزهة القاري

مؤلف هذا الكتاب هو "إبرهيم خليل افندي الديراني اللبناني" الذي وفد إلى مصر  لدراسة الطب في مدرستها في عام 1837 م. برعاية ووساطة الأمير بشير الشهابي أمير جبل لبنان . وقد مكث فيها للدراسة مدة أربعة سنوات نال بعدها في يونيو من عام 1842  شهادة تجيز له ممارسة الطب والجراحة مختومة من شورى الطب العمومية وممهورة بتوقيع مديرها كلوت بك.  غادر ابرهيم اللبناني بعدها إلى القسطنطية حيث حصل على شهادة أخرى في الطب من مدرستها ثم عاد إلى سوريا وعمل بها طبيبا .وقد ألف كتابه هذا وعنونه (المصباح الساري ونزهة القاري ) و طبعه على نفقته في بيروت عام 1272 هجرية أي عام 1855/56 ميلادية وهو يحتوي على وصف رحلته إلى القاهرة والقسطنطينية.
وأهمية الكتاب تعود إلى كونه من أوائل الكتب العربية التي وصفت مصر القاهرة وسكانها وعوائدها وعمارتها وشوارعها في منتصف القرن التاسع عشر . صحيح أن وصف القاهرة يشكل فقط ما يوازي ربع الكتاب بينما اختص القسطنطينية بما تبقى منه إلا إنه يحوي العديد من الملاحظات الهامة عن الحياة في مصر في منتصف القرن التاسع عشر 

ملاحظة، هذه النسخة من الكتاب تفتقد صفحتي 23،24

للحصول على الكتاب أنقر على صورة الغلاف